يوحنا الدمشقي
 
 



عمل يوحنا الدمشقي  في إدارة الحكومة الأموية، كما عمل أبوه من قبله.  وكان يعمل بوظيفة مدير محاسبة أو مدير مالي أو حتى ما يعادل وزير مالية في زماننا، فقد كان يعمل مع الخليفة مباشرة. 
وقد عمل في زمن عبد الملك وإستمر إلى زمن هشام ثم تقاعد في دير مار سابا الواقع بالقرب من القدس، وهو ينتمي إلى قبيلة تغلب العربية.

وكان يوحنا من رجال الكنيسة وضليعاً بعلم اللاهوت والقانون والفلسفة، إضافةً إلى علمه بالمحاسبة والأمور المالية والإدارية.  وله مؤلفات دينية وأناشيد كنسية لا تزال تتردد في الكنائس إلى يومنا.
في العام 726م، في زمن حكم الإمبراطور البيزنطي ليو الثالث الإيسوري، الذي قاد جيشه وعاصمته بنجاح أثناء حصار مسلمة بن عبد الملك لها، ظهر خلاف مذهبي حاد في أوساط الكنيسة دام لعدة قرون، وهو الخلاف حول الإيقونات ، الرسم والنحت .  فقام ليو بشن حملة شرسة ضد عرض الصور والتماثيل في الكنائس والأديرة والأماكن العامة، مؤيداً بذلك من قبل رجال بلاطه وحاشيته، وبمعارضة شديدة من قبل بطريرك القسطنطينية وحشد من رجال الكنيسة، كان من بينهم يوحنا.

تصدى يوحنا للرد على هذا التوجه الجديد بثلاث رسائل، محتمياً بحمى الخليفة، الذي لم يكن يعرف شيئاً عن حياة يوحنا ونشاطه كرجل دين.  وبهذا إستطاع أن يفعل ما عجز عنه كثيرون من رجال الكنيسة الذين يعيشون على أراضي الإمبراطورية البيزنطية. إحتوت الرسائل بإسلوبها المبسط، هجوماً عنيفاً على الإمبراطور ومذهبه ودعوة للثورة ضده ورد بليغ على طروحاته.  فلاقت صيحاته قبولاً واسعاً في أوساط رجال الكنيسة وصدى قوي في الأوساط الشعبية، مما أكسبه شعبية كبيرة.
وللإنتقام من يوحنا قام ليو بالكتابة إلى الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك مدعياً أن يوحنا عرض عليه تسليمه مدينة دمشق، وأرفق مع رسالته كتاباً منسوباً ليوحنا حول هذا العرض ليثبت ذلك.
 
فقام هشام بطرده من وظيفته، كما قام بقطع يده، لخيبة أمل ليو الذي كان يأمل أن يخلص من معارض بقدراته بالقتل.  تقاعد يوحنا إلى دير مار سابا بالقرب من القدس وإستمر في الكتابة.  وهو يعد الآن قديساً في نظر الكنيسة الأرثودكسية الكاثوليكية، كما يعد من أهم رجال الكنيسة عبر التاريخ.

لقد حيكت الكثير من الأساطير حول شخصيه يوحنا، فتذكر بعضها أن يده نبتت من جديد، مما جعل الخليفة يعيده إلى وظيفته.

في تلك العصور عرف العالم المسيحي، وخصوصاً الأوربي، الإسلام من خلال كتابات المتعلمين من أمثال يوحنا، الذين عاشوا بين المسلمين وكان لهم إتصالاتهم، بل كانوا يسافرون للمشاركة بالمجامع الدينية . كما كان يُرسل بعضهم كسفراء إلى الدول المسيحية. ويؤثر عن يوحنا أنه كتب عن الإسلام والمسلمين بموضوعية وأمانة.

                                                                                                    نديم أسـعد  
 

 
 

 

تعليقات

لا يوجد تعليقات

الإسم 
البريد الإليكتروني (ليس للنشر)
التعليق
هل توافق على الانضمام لمجموعتنا البريدية؟
  أرسل


 

Counter