مهارة حل المشاكل وصنع القرارات - مقدمة
 
 


مهارة حل المشاكل وصنع القرارات

 

يمكن القول أن معظم الجهود التي نبذلها تتعلق بالقرارات والمشاكل، حلها أو منع حدوثها.   المشاكل لا تعني نزاعات أو خصومات، كما لا تعني، بالضرورة أزمات، فالأزمة مشكلة مستفحلة وكبيرة.

فتحديد الأهداف يعد حل مشاكل، وتصميم وتحديد مسارات العمل يعد حل مشاكل، كما يعد تقييم هذه المسارات حل مشاكل. 

المشكلة هي ظهور فجوة بين المتحقق والمطلوب، بين النتائج الفعلية والأهداف الموضوعة، بين ما يجري وما مفروض أن يكون.  حل المشكلة هو مطابقة النتائج مع الأهداف.  وهو إعادة الأمور إلى نصابها الصحيح.

عمل الإداريين هو سلسلة من عمل القرارات وحل المشاكل، حتى تنفيذ القرار يتكون من مجموعة قرارات. القرارات، التي لا تقتصر على التخطيط ولكنها تمتد إلى التنفيذ.  القرار هو عملية إختيار بين بدائل، بدائل قد تكون موجودة وقد تكون مبتكرة.

تقيم أي إدارة بقدرتها على صنع القرارات، صحتها وتوقيتها.  فصحة القرارات تضبف قيمة عظيمة للمؤسسة، كما تدفع على الدوام بإتجاه تحقيق أهداف المؤسسة.  وحسن التوقيت يعزز النتائج المرجوة من القرار ويقلل من الآثار السلبية للحالة التي صنع من أجلها القرار. 

وفي كثير من الحالات يعتمد نجاح القرار على سرعة إتخاذه.  وهذا يأخذ أهمية خاصة عند إتخاذ قرار يتعلق بحل مشكلة ذات طبيعة متأزمة، عند ذلك تصبح سرعة إتخاذ  القرار عامل حاسم في تمرير الحل وإنجاحه.  فسرعة إتخاذ القرار تعني نزيف أقل، وبالتالي أضرار أقل من المشكلة.  كما أن تفاقم المشكلة قد يوصلها إلى حالة يصبح الحل مستحيلاً، أو على الأقل تتغير شروطه. 

سرعة إتخاذ القرار تثير الإعجاب، فذلك يعطي الإنطبع أن صانع القرار رجل " قوي " أي يملك صلاحيات واسعة، كما يعطي الإنطباع أنه سريع التفكير، أي قادر على حسم رأيه وإختيار الخيار الوارد في القرار خلال ثواني.  هذا جميل، ولكن قد يرتكب خطأ عمره، خاصة إذا ما عُرف بهذه الخاصية وأخذ يستمتع بالإطراء الذي يلي صنع القرار، مما يجعله يعتاد الإندفاع والإسراع في إتخاذ قرارات سريعة.  صانع القرار الحصيف لا يهمه أن يظهر كرجل قوي، ما يهمه هو إتخاذ قرارات سليمة، لا تضر بمؤسسته ولا يندم عليها، فيصنع قراراته وفق آليات قائمة على التشاور ويستخدم أدوات ويعتمد على المعلومات. 

فوقع القرار وفرص نجاحه يعتمد إلى حد بعيد على آلية صنعه والطريقة التي تم فيها إتخاذ القرار وطبيعة وعدد المشاركين في صنع القرار.  فهناك فرق كبير بين القرارات الفردية والقرارات الجماعية.  كما أن هناك فرق كبير، كذلك بين القرارات التي تؤخذ بالإجماع وبين تلك التي توضع موضع التنفيذ ولها الكثير من المعارضين والمنتدقدين، وبين هؤلاء، ربما، يكون بعض من يتمنون فشل الحل المتضمن في القرار.  لذلك ينبغي بناء آليات وقنوات صنع قرار مؤسسية وتعزيز ثقافة حوار بناء وموضوعي وإتباعها بدون كلل.

ولا يقل أهمية عن ذلك تسويق القرار. ففي كثير من الأحوال تحتاج القرارات إلى جهود تسويقية كثيفة من أجل تمريرها، حتى بعد إقرارها، وضمان تنفيذها بشكل ناجح.  في المؤسسات الصغيرة يفضل أن يسبق التسويق صنع القرار، فهذا سيغنيه من ناحية، ومن ناحية أخرى سيعني إستشارة أكثر منها تسويق لقرار تم إتخاذه، وفي هذا إحترام أكثر.

هناك أنواع كثيرة من القرارات التي يتخذها الناس في بيوتهم وفي أعمالهم وفي نشاطاتهم المختلفة.  وهذه أمثلة من القرارات التي يصنعها مدير مصنع، على سبيل المثال، فمدير المصنع يقوم بشكل متكرر بتعيين العمال، فصل العمال، تحديد تاريخ بدء طلبية جديدة، تنظيم خطوط الإنتاج.  وهناك أمثلة من القرارات التي يصنعها رب أسرة أو ربة المنزل بشكل يومي.  ما هي القرارات التي تصنعها أنت بشكل يومي؟.  هل تصنعها وأنت واثق من صحتها؟.  هل ترجع إلى أحد بشكل منتظم؟.  هل لديك آليات لصنع قراراتك؟. هل ندمت على قرار إتخذته مؤخراً؟. هل سبق وتمنيت لو أن لديك وسيلة تمكنك من إتخاذ القرارات السليمة دائماً؟.  

إن أكثر ما تتمناه أي مؤسسة، أو أي مجتمع أو فرد هو أن تكون لديها آليات فعالة لصنع القرارات وحل المشاكل للتعامل مع قضايا الإنتاج والجودة والتوسعات والمنتجات الجديدة.

وعلى صعيد الدولة والمجتمع، هناك قضايا الإقتصاد والتعليم والصحة والعلاقات الخارجية.  وعلى الصعيد الشخصي والأسري، هناك قضايا تحتاج إلى صنع قرارات؛ مثل إختيار مدرسة للأولاد، نوع الدراسة الجامعية، وحتى ماذا تطبخ ربة المنزل لعائلتها في ذلك اليوم؟.  جميع هذه قرارات بحاجة إلى أن تصنع، وأن تصنع بطريقة جيدة.

كل شخص وكل مؤسسة تتمنى أن تطور قدرتها على صنع القرارات، وعلى وضع الحلول وعلى المفاضلة بين الخيارات المتوفرة والمطروحة.  هذه الأمنية ليست من الأماني بعيدة المنال، فكثيرون تمرسوا على هذه المهارة وأفادتهم بحياتهم إفادات كبيرة.  فهناك كم كبير من المهارات والقدرات التي تحدد نوعية حلولنا وقراراتنا مخزنة في أدمغة الملايين من البشر،  وكذلك مخزنة في بطون الكتب وفي داخل الحواسيب.  هذا الرصيد من الأدمغة والأجهزة المساندة تشكل أساس عبقرية الإنسان، هذه العبقرية هي التي أوصلت الإنسان إلى هذه الدرجة من التقدم.

نديم أسـعد

 
 

 


تعليقات

لا يوجد تعليقات

الإسم 
البريد الإليكتروني (ليس للنشر)
التعليق
هل توافق على الانضمام لمجموعتنا البريدية؟
  أرسل

 

Counter